«صبي حنَّكته الشدائد»
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلق الله
سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة واتم التسليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك صبي ضربه أهله فهرب عنهم، في إحدى
قرى وسط نجد، وله من العمر نحو عشر سنين، وحين جاوز محل أهله، صادف عرباً من
البادية، يسيرون بمظهورهم في البر، فالتجأ الصبي إليهم، فذهبوا به معهم في البر،
فيما دون الكويت، فكانوا عربا طيبين: أهل مروءة ووفاء، وصار الصبي مؤدباً عاقلاً
أميتاً، حافظاً للأمر الموكول إليه، فقالوا له نريدك ترعى لنا الغنم، ونعطيك أجرتك
من أولاد الغتم سنوياً، فقال: نعم، فاستمر معهم لمدة، نحو عشر سنين، اكتسب فيها
رجولة وتحملاً، وصبراً على الشدائد، ومالاً. فكل سنة يعطونه أجرته من أولاد الغنم،
فيستلمها ويسمها وسم أهله، ليميزها ويثبت ملكينه عليها، فأنتجت له أولاداً، والسنة
الثانية كذلك، وهكذا كل سنة، حتى اجتمع له قطيع من الغنم، في هذه العشر سنين، ولما
بلغ مبلغ الرجال وتم له نحو عشرون سنة، أراد رفع مستواه عن التبعية، ويعتمد على
نفسه، فعزل غنمه واتحد يرعاها وحدها ويعزب بها، يبيت في البر وحده، يتتبع المراتع
الطبية، وقد استعار من جماعته بندقية، وكان شجاعا حذراً، يترقب ويتخوف الحرامية
والسراق. وفي مساء ذات يوم قبل المغرب، أبصر أزوالاً يشرفون عليه ويختفون، فعرف أنهم
حرامية يريدون يبيتونه، بهجمون عليه يقتلونه ويأخذون غنمه، ولكنه أخذ احتياطه
عنهم، فإنه لما أدمس الظلام، ربط الحمار، والغنم تبعه، وتركها تمرح حول الحمار، ثم
هرب وأبعد عنها وختفا في الشجر ، فلما ظنوه قد نام أتوا يهجمون عليه، فلم يجدوه،
وداروا حول أمراح الغنم فلم يجدوه، فأطلقوا الحمار واستاقوها وذهبوا بها، وتبعهم
هو عن بعد. فسروا كل ليلهم يمشون، فلما طلع الصبح واسفر حاد عنهم واسرع، حتى
تقدمهم، وقعد لهم على طريقهم، وترس بشجرة، فلما قربوا منه ، صوب البندقية بالأول
منهم فرماه فقتله فهرب الباقون، فاستاق غنمه إلى جماعته وضوی عليهم، ولم يعلمهم
بالحاصل، ولكن هذا الأمر أحدث له فكرة جديدة، فتذكر أهله بنجد، فعزم على الرجوع
إليهم، فأخبر جماعته بما عزم عليه، فقالوا له شأنك وما تريد. فعزل الجلايب
(الخرفان) من غنمه نحو أربعين أو خمسین خروقا، وترك البقية عندهم، وذهب بالجلايب يبيعها
بالكويت، فباعها واشترى له ناقة ذلولاً، وأثاث السفر، وبندقية، وكسوة لأهله و فرایح،
ثم ركبها وخرج لنجد وحده يترقب ويتخوف الحرامية، وذات يوم وهو يسير في الطريق،
أبصر ثلاث ركائب قد قصدوه ولحقوه ليأخذوه، (والحزم لو أناخ ناقته وعقل يدها، وترس
بها أو بالشجرة، ثم يرميهم إذا قربوا)، ولكنه أركض ناقته يهرب عنهم، فأركضوا
ركائبهم بلحاقه، فلما قربوا منه، رماه أحدهم بالبندقية، فأصاب ناقته، فانكسرت يدها
وسقطت بالأرض، ووقع هو على الأرض، وبندقيته بيده، فانسحب وترس بالشجرة، ثم صوب
البندقية بالأول، فأطلق الرصاصة عليه في صدره فقتله، فسقط على الأرض، وكانت ناقته
ذلولاً فوقفت عليه، وهرب رفاقه، فقام هو وذهب لناقة الرجل الميت، فأوقفها الله له،
فمسك خطامها وأتي بها، وأناخها عند ناقته وعقل يدها، ثم رجع للميت وأخذ سلبه،
بندقيته وحزامه، ثم ذبح ناقته وأخذ منها لحمة، وحمل عفشه على الناقة، وسار إلى
أهله بسلام، حتى وصلهم، وهم قد نسوه، يظنونه میا وقت هروبه.
" لا تقرأ و ترحل "
ضع بصمتك..وشاركنا برأيك...
0 تعليقات
ملحوظة:
يسعدنا تفاعلكم بالتعليق ومروركم، لكن يرجى مراعاة الشروط التالية لضمان نشر التعليق :-
• أن يكون التعليق في اطار محتوى التدوينة .
• أي سؤال أو تعليق يخص موضوع آخر او سؤال خارجي نعتذر عن عدم القدرة للرد عليه .